****
هل تشكل الأدوية العشبية غير المقننة خطورة على الإنسان.. ومن المسؤول عن استيرادها؟!
الدواء العشبي هو نبات أو جزء من نبات أو مشتق من نبات والتداوي بالأعشاب قديم جدا قدم الإنسان فقد خلق الله عز وجل النبات على الكرة الأرضية قبل أن تطأها قدم إنسان أو حافر حيوان حيث إن النبات هو الغذاء الأساسي لكل مخلوق حي وبدونه لا وجود للحياة. ومنذ خلق الله الانسان والحيوان وجدت الأمراض التي تنتابهما, وكما جعل الله النبات غذاء لا تستغني عنه الحياة فقد أوجد منه الدواء للأمراض. وأعطى الحيوان الذي لا يعقل ولا يفكر غريزة الاهتداء إلى نوع النبات الذي يشفي مرضه, وترك للإنسان العاقل أن يهتدي إلى النباتات أو الأعشاب الشافية عن الأمراض بالدراسة والتجارب والاستنتاج.
إن الأدوية العشبية قديمة جدا حيث يرجع تاريخ التداوي بها إلى العصور الأولى من التاريخ, والمواد الشافية في الأعشاب عادة لا تنفرد بجزء واحد له علاقة بجزء خاص في الجسم دون أن يكون له تأثير آخر في غيره, كما هو الحال في الأدوية الكيميائية المصنعة, بل ان يد الخالق عز وجل جمعتها في عشبة واحدة بمزيج يستحيل على الإنسان أو مصانعه أن تأتي بمثله, ولذلك كانت العشبة تحتوي من المواد الفعالة الشافية ما يجعلها مفيدة في مداواة أمراض مختلفة وبالأخص إذا أحسن استخدام هذه العشبة والتداوي بالأعشاب ليس وليد اليوم فقد تداوى رسول الله بالأعشاب وأمر أصحابه بالتداوي ونصح أصحابه وأمته بكثير من أنواع العلاج الذي كان موجودا في زمنه ولازال ومنه التداوي بالحبة السوداء وبالحناء ومداواة العين بالكمأة والقط الهندي في معالجة التهاب اللوزتين والتهاب الجنب واستخدام الصبر في أمراض العين والقروح والثغاء "حب الرشاد" ضد الاستسقاء والسنا "العشرق" ضد الامساك, والسنوت ضد المغص.
قد تسبب الأدوية العشبية خطورة بالغة على مستعمليها إذا ما استخدمت بطريقة عشوائية إذا صرفت من قبل شخص غير ملم بالمجموعات الكيميائية الموجودة في كل عشبة وكذلك طرق حفظها وتخزينها والجرعة الآمنة والأعراض الجانبية التي قد تنتج إذا استخدمت جرعة زائدة أو إذا ما تمادى الشخص في استعمالها لفترة طويلة. ونظرا للنهضة العلمية التي حصلت في جميع المجالات ولظهور التقنية الجديدة فقد استعيضت الوصفات العشبية بمركباتها الفعالة التي فصلت على أسس علمية ودرست خواصها الدوائية والسمية وأعراضها الجانبية وحددت جرعاتها الدوائية للصغار والكبار وقيست درجة صلاحيتها للاستعمال الآدمي وحددت تواريخ انتهاء صلاحيتها, وقد ظهر في ضوء ذلك الأدوية العشبية المقننة.
ما هي الأدوية العشبية المقننة؟
الأدوية العشبية المقننة هي تلك الأدوية التي خضعت للدراسة العلمية من قبل علماء متخصصون في هذا المجال, حيث فصلت المركبات الفعالة وحضرت في أشكال صيدلانية "أقراص ـ حبوب ـ كبسولات ـ حقن ـ أمزجه ـ محببات فواره ـ خلاصات ـ صبغات ـ مراهم وغير ذلك".
ومن أهم المركبات التي فصلت من تلك الوصفات العشبية مركبي المورفين والكوداتين اللذان فصلا من ثمار نبات الخشخاش وصنعا على هيئة أقراص وحقن ومحببات وأشربة واستخدما على نطاق واسع في الطب الحديث كمواد مسكنة للألم و كمنومات, كما فصل مركب الكنين من قشور نبات الكينا ووضع على هيئة أقراص لعلاج الملاريا, وكذلك مركب الأمينين الذي فصل من جذور نبات عرق الذهب ووضع على هيئة حقن وشراب وخلاصات ويستخدم لعلاج الكحة والدسنتاريا وكمقيئ, وكذلك مركب الأقدرين الذي فصل من عشب الأقدرا وضع على هيئة أقراص وحقن لعلاج الربو والتهاب الشعب المزمن. كما فصل مركب الا سترلنين من بذور الجوز المقيئ واستخدم كمقو معدي وكذلك مركب الديجوتكسين الذي فصل من عشب التريجيتالا ووضع على هيئة أقراص لعلاج عضلات القلب. كما فصل مركب اللوبولين من عشب اللوبيليا واستخدم على نطاق واسع على هيئة حقن لرد الحياة للأطفال حديثي الولادة عند ولادتهم ولادة غير طبيعية, لا سيما إذا كان هناك نقص في الأوكسجين عند الطفل المولود. كما فصل مركب الرزربين من جذور عشب الراولفيا وصنع على هيئة أقراص لعلاج فرط ضغط الدم وكذلك فصلت عدة مركبات هامة جدا من خطر الأرغوت وأهمها الأرغوتامين والأرغومترين واللذين يستخدمان على نطاق واسع لتعجيل الولادة في حالة تعسر الولادة وكذلك في إيقاف النزيف المرافق لعملية الولادة وكذلك في علاج الصداع النصفي "الشقيقة". وكذلك مركبات الهايوسين والهايوسيامين والأتروبين التي فصلت من نباتات البلادونا والسيكران والداتوره وتستخدم على نطاق واسع لعلاج جميع أنواع التقلصات "المغص" وكذلك لتوسيع حدقة العين حيث يستعمل أطباء العيون قطرة الأتروبين لتوسيع حدقة العين من أجل فحص بؤبؤ العين.
كما فصل مركب هام جدا يعرف بالكولوشيسين من بذور ودرنات عشب اللحلاح "السورنجان" الذي يستخدم على هيئة أقراص لعلاج داء النقرس "داء الملوك". كما فصل مركبي القنبلاستين والفنكرستين من عشب البفته ويوجدان على هيئة حقن لعلاج سرطان الدم عند الأطفال وتضخم الغدد اللمفاوية. وكذلك المضادات الحيوية التي فصلت من بعض الفطور ومن أشهرها البنسلين. كما فصل الزيوت الطيارة من الأعشاب العطرية واستخدمت على نطاق واسع كمطهرات وطاردة للأرياح والغازات وفي تحضير العطور, بالاضافة إلى عدد كبير من المستحضرات العشبية المقننة التي بدأت تغزو أسواق العالم.
الأسس العلمية
* ما الأسس العلمية التي استخدمت في استحداث الأدوية العشبية المقننة السابقة الذكر؟
ـ تتلخص الأسس العلمية لتحضير دواء عشبي مقنن فيما يلي:
جمع العشب المراد تحضير الدواء العشبي منه :
إن كل جزء من الأجزاء النباتية المعروفة بالجذور أو الجذامير والدرنات والأبصال وقشور الجذور وقشور البقان وخشب السيقان وبراعم الأوراق, والأوراق وبراعم الأزهار والأزهار بعد تفتحها والثمار والبذور, كل جزء من الأجزاء النباتية السابقة يحتوي على مجاميع كيميائية هي المسؤولة عن التأثير الدوائي كذلك الجزء من النبات ومن أشهر المجاميع الكيميائية النباتية ما يعرف بالقلويدات وتتصف مركبات هذه المجموعة بتأثيرها مباشرة على الجهاز العصمي المركز مثل مركبات الأفيون والأستركنين والرزربين وغيرها, وهناك مجموعة الجلوكوزيدات وهي مجموعة تتصف بكونها تتركب من شقين سكري وغير سكري وتستخدم لعلاج أمراض القلب وكمواد مسهلة. وكذلك الزيوت الطياره وتتميز بنفاذ رائحتها وتستخدم على نطاق واسع كمشهيه وطاردة للغازات ومطهرة وقاتلة للديدان. وللمحافظة على هذه المجاميع الكيميائية يجب جمع الأجزاء النباتية في الفصول أو الأوقات المحددة لجمعها, حيث اتضح أن المادة الفعالة "المواد الكيميائىة" تكون في قمتها في فصل معين في السنة أو عند بداية الازهرار لبعض النباتات. وعليه فإن جمع الجزء النباتي في الوقت المناسب أساسي في التأثير الدوائي لهذا العشب والشخص المختص هو الوحيد الذي يعرف متى يجمع الجزء النباتي وان جمع العشب بطريقة عشوائية فقد يكون فيه خطورة على المستعمل.
تجفيف الأجزاء النباتية :
بعد جمع الجزء النباتي المذكور في أولا لابد من سرعة تجفيف هذا الجزء وتخليصه من الماء الذي يحتويه حيث ان وجود الماء بعد قطف هذا الجزء النباتي من العشب يؤثر على المحتويات الكيميائية التي يعزى إليها التأثير الدوائي حيث يبدأ الماء في وجود بعض الإنزيمات في النباتات بالتفاعل مع المحتويات الكيميائية ويتلفها وعليه يصبح العقار عديم الفائدة. ويوجد عدة طرق للتجفيف منها التجفيف بالحرارة الاصطناعية والتجفيف بالتبريد السريع.
تنقية الدواء العشبي:
يعتبر التنظيف قبل تعبئة الدواء العشبي من أهم ما يمكن حيث ينظف العقار بعد جفافه من المواد الداخلة على المحصول مثل أي نباتات أخرى أو أجزاء منها والأوساخ والحشرات أو أجزاء الحشرات وبعض القوارض ان وجد وكذلك شعر القوارض والمواد التي يمكن أن يفشى بها العقار وتنظيف الجذور والريزومات والدرنات والابصال من الطين العالق بها حيث تغسل جيدا وتنظف البذور بغربلتها بغربال حتى نتخلص من الرمل والغش وعند نظافة المحصول تماما تبدأ عملية التعبئة.
التعبئة :
تعتمد تعبئة العشب الدوائي على مصيره فإذا كان سيصدر إلى الخارج فله تعبئة خاصة وإذا كان سيستهلك محليا فله تعبئة خاصة أيضا فمثلا الأوراق والأعشاب تعبأ على هيئة بالات وتربط جيدا داخل خياش بحيث تكون على هيئة كتل كبيرة ثم تخاط خياطة جيدة من جميع الأطراف. أما الأدوية العشبية التي تتأثر محتوياتها بالرطوبة مثل أوراق أصبع العذراء والأرغوت فتغلف في علب مضادة للرطوبة.أما الصموغ والراتنجات والخلاصات فتعبأ في براميل أو صناديق أو براميل خشبية, أما الصبر والبلاسم بأنواعها فتعبأ في اسطوانات من المعدن.
التخزين :
تعتبر مرحلة التخزين من أهم المراحل التي يجب المحافظة فيها على المنتجات الغذائية والدوائية دون أدنى تلف يحدث لها, ويفضل إضافة بعد المواد التي تساعد على إطالة فترة التخزين للمواد النباتية التي تخزن داخل أوعية من الزجاج المحكم وأهم هذه المواد هي السليكا لامتصاص الرطوبة وثاني اكسيد الكربون في صورة ثلجية متصلبة لمنع عمليات الأكسدة والاختزال. بينما تعبئة المنتجات النباتية في أكياس من الجوث أو القماش وتخزينها في المخازن يجب أن يكون العقار مجففا تخفيفا تاما وخاليا من الإصابات الفطرية والحشرية ويجب أن يكون مكان التخزين منخفض الحرارة ما بين 5 ـ 10 م ويكون جيد التهوية والرطوبة الجوية لا تزيد على 45% وعندما يرتفع مستوى كل من الحرارة والرطوبة داخل المخزن فإن ذلك قد يشجع التحلل الانزيمي والتسبب في تحليل وتكسير المواد العضوية والمركبات الفعالة مما يؤدي إلى تلفها وعدم الاستفادة منها للاستعمال الآدمي. كما يشاهد على الأسطح الخارجية للعقار نحو هيفات الفطرية بظهور اللون الأخضر الغامق أو الأسود البني مما يخفض من قيمتها الدوائية وتصبح رديئة الصنف سيئة الجودة بالنسبة للأعشاب التي تحتوي على مجاميع كيميائية هامة وفعالة مثل الفتويدات والجلوكوزيدات والفينولات الموجودة في السكرانوست الحسن وأوراق أصبع العذراء والأدونيس والكولا وال شاي والبن فيمكن إطالة فترة تخزين هذه الأعضاء العشبية مع المحافظة على محتوياتها من المواد الفعالة بتثبيتها داخل أنسجة وخلايا النباتات دون تلف أو ضرر يذكر مع عدم تحللها أو اختفائها أثناء معاملتها بطريقة التثبيت staabilization وهي تتلخص في الطرق التالية: طريق التثبت بالمذيبات العضوية, طريقة النجار, طريقة الهواء الساخن, وطريقة المواد الحافظة.
إن وسائل الحفظ والتخزين المتبعة حاليا في الوطن العربي لا يخضع 95% منها للوسائل المذكورة آنفا وأغلب مخازن العطارة تترك الأعشاب فيها في أوعية مكشوفة غير مغطاة مما يتيح لجميع الحشرات وكذلك القوارض ان تتكاثر عليها أو تلويتها بشعرها وروثها وبولها وخاصة الفئران والجرذان فقد وجدت أدوية كثيرة ملوثة بروث القوارض ويكون الدواء العشبي في هذه الحالة غير صالح للاستخدام الآدمي. كما أن ارتفاع درجة الحرارة وخاصة في فصل الصيف حيث إن أغلب محلات العطارة لا تترك أجهزة التكييف مفتوحة بعد غلق المحل حيث يتعرض الدواء العشبي إلى درجة الحرارة التي قد تصل إلى 50 م وهذا الارتفاع الكبير يخرب المواد الفعالة ويصبح العقار عديم الفائدة وأحب أن أضيف إلى أن 85% من الأدوية العشبية الموجودة في محلات العطارة في المملكة لا تصلح للاستخدام الآدمي.
فصل المحتويات الكيميائية للجزء النباتي :
لابد من معرفة المجاميع الكيميائية ومركباتها في الجزء النباتي المراد استخدامه كدواء وتحديد نسبة هذه المواد, ولمعرفة ذلك لابد من استخلاص تلك المحتويات عن طريق مذيبات عضوية بأجهزة استخلاص عالية التقنية ثم تجربة هذه الخلاصة بعد تركيزها على حيوانات التجارب مثل الجرذان أو الفئران أو الخنازير الغينية أو الأرانب أو الكلاب أو القطط أو القرود لمعرفة تأثير هذه الخلاصة على أي من الأمراض, فإذا حصل تأثير لهذه الخلاصة ضد مرض من الأمراض. كما تجرب هذه الخلاصة على عدة أنواع من البكتريا لمعرفة فيما إذا كانت قاتلة للبكتيريا من عدمه وهذا مهم جدا وتسجل النتائج في كلا الحالتين. تعاد الخلاصات إلى الشخص الذي قام بفصل محتويات العشب حيث يقوم بفصل المكونات الكيميائية لتلك الخلاصة على هيئة مركبات نقية ثم يحدد نسبتها في تلك الخلاصة, ثم يعيد تلك المركبات المفصولة إلى الفحص البايولوجي لدراستها مرة أخرى على حيوانات التجارب السابقة وكذلك على أنواع البكتيريا التي سبق ان جربت عليها الخلاصة وذلك من أجل معرفة المركب الذي أعطى التأثير الدوائي في الخلاصة الأصلية للنبات. بعد ذلك تجرى السمية الحادة والسمية المزمنة للنبات وتحدد الجرعة الآمنة والجرعة المميتة للنبات.
التجارب السريرية للمستحضر العشبي :
بعد ثبوت فعالية الجزء النباتي المراد استخدامه كدواء تجرى عليه تجارب سريرية على عدد محدد من المتطوعين وهذا العدد متعارف عليه ولا يسمح بتسجيل أي دواء إلا إذا كان عدد المتطوعين يقع تحت نطاق العدد الدولي المتعارف عليه فإذا ثبت نجاحه تستكمل بعد ذلك الاجراءات النظامية لتصنيعه إما على هيئة أقراص أو كبسولات أو حبوب أو أمزجة أو حقن أو مراهم أو مسحوق أو خلافه, ولابد من كتابة نسب المواد للمستحضر مثل الصمغ والسكر والمواد الملونة وكذلك المواد المخفضة. يقدم المستحضر لقسم تسجيل الأدوية بوزارة الصحة التابع لها الدواء العشبي لكي يخضع لقواعد التسجيل وعند تسجيله يطرح الدواء في الأسواق لبيعه بصورة نظامية مقننة. ويجب ملاحظة أن هناك شروطا يجب توافرها في المستحضر العشبي وهي كالآتي:
1 ـ تاريخ الانتاج وتاريخ انتهاء الصلاحية.
2 ـ تحديد المكونات الداخلة في تركيب المستحضر مع تحديد نسبها.
3 ـ دواعي الاستعمال والتأثيرات.
4 ـ تحديد الجرعة للكبار والصغار.
5 ـ تحديد الاعراض الجانبية ان وجدت.
6 ـ التحذيرات.
7 ـ درجة الحرارة التي يجب تخزين المستحضر عندها.
فإذا ما توفرت الشروط السابقة في أي مستحضر عشبي فإننا نقول إن هذا الدواء مقنن ولا خوف من استعماله. أما الدواء العشبي غير المقنن فهو الدواء الذي لا يخضع للأسس العلمية السالفة الذكر ويكون الدواء في هذه الحالة مجهول الهوية وتوجد خطورة بالغة في استعمال مثل هذا الدواء, وفي الحقيقة فإن معظم محلات العطارة تزخر بمثل هذا النوع من الأدوية التي لا ينطبق عليها أي معيار من المعايير السابقة وفي اعتقادي أن هذه الأدوية المجهولة الهوية تشكل 85% من الأدوية الموجودة بالسوق المحلية ولا استبعد ان تكون كثير من الأمراض الشائعة حاليا هي نتيجة للاستعمال العشوائي والفوضوي لمثل هذه الأدوية, ولا استبعد أيضا ان انتشار مرض السرطان قد يكون له علاقة باستعمال هذه الأدوية, حيث ان كثيرا من الأعشاب لها خواص السرطنة. وليت الأمر يتوقف على استعمال هذه الأدوية المجهولة إلا ان جشع بعض الأطباء الشعبيين وبعض العطارين وبعض ضعفاء النفوس ممن يسعون إلى الكسب المادي غير المشروع أدى إلى غشهم لهذه الأدوية العشبية بأدوية صيدلانية يشترونها من الصيدليات وأذكر بعض الحالات التي وردت إلينا بغرض التحليل ووجدناها تحتوي على أدوية كيميائية حيث بدأوا يشترون الأقراص المخفضة للسكر ويسحقونها ويخلطونها مع أوراق نباتية ويبيعونها بأعلى الأثمان على أنها عشب لعلاج سكر الدم, كما تسحق هذه الأقراص وتخلط مع العسل أو مع المربى وتروج على أنها مخفضة لسكر الدم. كما قاموا بشراء الأقراص المخفضة لضغط الدم المرتفع وسحقوها وخلطوها مع أوراق النباتات وروجوها على أنها أعشاب مخفضة لضغط الدم المرتفع, كما قاموا بخلط أقراص الكورتيزون مع بعض البذور النباتية لعلاج الربو والحساسية, وقد أصبح ومع الأسف هذا الشيء سوقا خصبا للمروجين.
خطورتها
هل تشكل الأدوية العشبية غير المقننة خطورة على الإنسان؟
تشكل الأدوية العشبية غير المقننة أكبر خطر على الإنسان فهناك نباتات خطيرة وقاتلة إذا أعطيت للمريض عن طريق طبيب شعبي جاهل وما أكثرهم أو عن طريق عطار يدعي المعرفة أو عن طريق فاعل خير سمع بعشب ما ووصفه لصديق أو عزيز له ولكنه خلط بين اسم العشب الأصلي واسم عشب سام فتعاطاه صديقه أو قريبه وتسمم ومات أو ربما عن طريق الاستعمال الذاتي. والأدوية العشبية وخاصة المركبة "التي تركب من عدة أعشاب مخلوطة مع بعضها البعض" تشكل خطورة كبيرة على مستعمليها فقد تسبب تلف الكبد أو الفشل الكلوي أو انخفاض ضغط الدم أو سيولة الدم أو تجلطه, وقد تحدث أعراضا جانبية قد لا تظهر في وقت الاستعمال فقد تظهر بعد عدة أشهر أو سنين من تاريخ الاستعمال فقد يحدث نزيف عند المرأة وقد لا يعرف السبب لأنها لم تتذكر انها استخدمت علاجا خلال الشهرين الماضيين أو قد يكون هناك مشاكل في العادة الشهرية وعدم انتظامها والسبب لأن تناول ذلك العشب أو عدم الانجاب "العقم عند الرجل أو المرأة" والسبب يرجع إلى ذلك العشب أو قد تقل الخطوبة لدى الرجل أو المرأة أو تختفي والسبب هو تناول ذلك العشب أو قد يصاب الشخص بالسرطان والسبب ان ذلك العشب يسبب السرطنة. كما ان عدم صلاحية الدواء العشبي قد يسبب مشاكل كثيرة للإنسان, فمثلا الدواء العشبي الذي خزن عند درجة حرارة عالية وعند درجة رطوبة عالية هذا العشب ستنمو عليه أنواع من الفطور السامة وأنواع من البكتريا وبالتالي تكون هذه الفطور والبكتيريا قاتلة للانسان ويكون السبب ليس من العشبة ولكن من المواد التي تكونت على العشبة نتيجة سوء التخزين.
من المسؤول :
وأخيرا من هو المسؤول عن استيراد 251 عشبا دوائيا و50 مشتقا حيوانيا و30 مشتقا معدنيا وجميعها من غير المقننة, هل الجهة المسؤولة وزارة الصحة أم وزارة التجارة أم وزارة البلدية والشؤون القروية؟ وهل لوزارة الزراعة دور في ذلك؟
جريدة الرياض : السبت 25 جمادى الثانية 1421 هـ ، 23 سبتمبر 2000م ، العدد 11779 السنة 37
****
احذر الغش: عند شراء الأعشاب من مصادر غير موثوق فيها قد تتعرض للغش و ذلك عن طريق خلط الأعشاب الطبية بأعشاب أخري عديمة الفائدة أو غيرها مما قد يكون مضراً
وصفات مجهولة التركيب: فغالباً ما تباع الأعشاب علي أنها " علاج لسقوط الشعر" أو " لمرض السكر" و ذلك بدون ذكر معلومات عن محتوي و نوعية هذه الأعشاب بحيث نستطيع التأكد من فاعليتها. و كثيراً ما نسمع " مصنوع من خلطة سرية من الشرق الأقصي" و غيرها من العبارات الغامضة
صعوبة تحليل المحتوي للمادة الفعالة: فوجود الأعشاب في صورتها الخام يجعل من الصعب معرفة مدي تركيز المادة الفعالة فيها كما تكثر معها المواد الأخري التي قد تتداخل في التأثير المطلوب
تفاعل الأعشاب مع الأدوية الأخري: فالأعشاب الطبية باعتبارها أدوية قد تتفاعل من بعض الأدوية الأخري التي تستعملها في نفس الوقت مما قد يؤدي إلي خطورة في بعض الأحوال و خاصة عندما لا تخبر طبيبك عن استعمالك لتلك الأعشاب.
وهناك شروط للتخزين حيث ان التخزين مهم جداً في المحافظة على المواد الفعالة في أجزاء النبات وقد لاحظت ان محلات العطارة لا تهتم بالتخزين وشروطه فمثلاً التخزين عند درجة حرارة عالية تفسد المواد الفعالة وكذلك عدم تغطية الأعشاب يجعلها عرضة للتلوث .
إن ارتفاع درجة الرطوبة وشدة الضوء تؤثر على المواد الفعالة وعليه يجب حفظ المستحضرات في مكان بارد وجاف بعيداً عن الضوء ولكن يجب عدم وضعه في البرادة. يجب عدم تخزينه في كبائن الحمامات. ان الحرارة مع الرطوبة هي الآفة لتخريب المواد الفعالة في العقار يجب ابعاد العقار عن متناول الأطفال.
إن استخدام النباتات الطبية دون التأكد من حقيقة اسمها المحلي أو الشعبي ، والمنطقة التي جمعت منها ووقت الجمع ونوعية المواد الفعالة ومعرفة خواصها الفيزيائية والكيميائية والبيولوجية كاملة هو نوع من المغامرة بالصحة.
في الآونة الأخيرة انتشر في السوق السعودي كثير من الوصفات مجهولة الهوية ويروج لهذه الأدوية مطبوعات توزع عند الإشارات وأمام الأسواق المركزية الكبيرة وفي محطات الوقود وأمام المساجد وأمام المدارس وأكثر هذه الأدوية لعلاج مرض السكري والسرطان والربو وداء المفاصل والتهاب الكبد الفيروسي والعقم والمنشطات الجنسية، ثم يوضع في آخر المطبوع رقم الجوال ولا شيء غير ذلك.حاولت الاتصال على أرقام الجوالات المختلفة لهذه الأدوية فوجدت أن أصحاب هذه الأدوية لا يبيعون عبوة واحدة ،بل عدة عبوات تكفي لستة أشهر ويقومون عن طريق الجوال بامتداح تلك الأدوية وأنهم حصلوا عليها من أكبر المصانع الأمريكية والألمانية وأن العلاج ناجح 100%، أما عن القيمة التقريبية للعلاج فقد كان سعر علاج مرض السكري أربعة آلاف ريال مقابل علبتين كل علبة تحتوي على 120كبسولة وقيمة علاج السرطان ستة وثلاثون ألف ريال لما يكفي لمدة ثلاثة أشهر، وعلاج العقم اثنا عشر ألف ريال، وعلاج المنشط الجنسي ثلاثة آلاف ريال وعلاج داء المفاصل ثمانية آلاف ريال وعلاج التهاب الكبد الفيروسي خمسة آلاف ريال وعلاج الربو والكحة ثمانمائة ريال. فإذا قرر المريض شراء أي من هذه الأدوية فيتفق معه المروج على مكان يحدده للمريض مروج العلاج في أحد شوارع الرياض ليسلم الدواء للمريض ويستلم قيمة العلاج.إن هذه الطريقة مخيفة جداً حيث إن هذه الأدوية مجهولة ليس عليها أي معلومات تحدد هويتها ولا صلاحيتها وهي تحضر بطرق عشوائية وقد حصلت على بعض كبسولات علاج السكري من شخص وقع في الفخ وسألني عنها فطلبت منه إحضار الدواء فوجدته عبارة عن علبة عادية بها 120كبسولة وقد حللنا هذه الكبسولات فوجدنا أنها تتكون من يانسون وكزبرة مخلوطة مع أقراص الجلوكوفاج التي تباع في الصيدليات كمخفض للسكر، وهذا يعتبر غشاً واحتيالاً واضحاً.
أما العلاج الذي يستخدم لعلاج السرطان فقد حصلت على علبة كاملة عند تحليلها وجدنا أنها تحتوي على نبات ديد الضبعة والحبة السوداء والقرنفل والحلتيت، وهذه الوصفة سبق أن كتب عنها ، وقد كانت بدايتها من تبوك وهذه الوصفة لا يوجد فيها شيء له علاقة بالسرطان عدا الحبة السوداء التي تقوي جهاز المناعة فقط، وفيما يتعلق بعلاج الكبد الفيروسي فقد وجدنا أن المروج يشتري علاج انترفيرون الخاص بالكبد من الصيدلية ويخلطه مع مسحوق عرق السوس ويروجه لعلاج التهابات الكبد الفيروسية. ويعتبر هذا العمل غشا واحتيالا وفيه خطورة كبيرة على المرضى.
أما دواء العقم وتنشيط الرحم والجنس عند السيدات فقد حصلت على هذه الوصفة التي وجدنا عند التحليل احتواءها على حشرة الذرنوح (وهي حشرة توجد في وقت الربيع وتسمى بالذبابة الاسبانية الارجوانية) وتحتوي على مادة سامة وخطرة جداً تسمى الكانثريدين، وكذلك وجدنا مادة اليانسون والبابونج والزعتر وعرق السوس، إن هذه الوصفة تعتبر من أخطر الوصفات على الاطلاق فهي تعدم الكلى والمجاري البولية والتناسلية، ونحذر تحذيراً شديداً من استخدامها. أما علاج الربو فكان عبارة عن مسحوق يباع في علبة بلاستيك وعند تحليله اتضح أنه يحتوي على عرق العرفج وعرق السوس واليانسون والحبة السوداء وتستعمل هذه الوصفة للكبار والصغار ويعتبر من المواد الخطيرة الاستعمال للأطفال وعليه فإني أنصح بعدم استعماله للأطفال على الإطلاق.
إن بيع وترويج هذه الوصفات بطرق غير مشروعة يعتبر تدميراً لصحة الإنسان ويجب على المواطن الكريم التنبه إلى مثل هذه الأدوية الضارة والمجهولة والتي قد تدمر نفسه أو أي أحد من أفراد أسرته لا سيما أنه يشتريها من الشارع من مكان غير مشروع وتحضر بيد مليئة بالغش والاحتيال، ولو كانت هذه الأدوية غير مغشوشة لما بيعت في الظلام وعن طريق الجوال. وإنني بهذه المناسبة أنصح المرضى بعدم الانقياد إلى ما يروج من أدوية مغشوشة مجهولة تضر بصحة الشخص وتسبب له آفة هو في غنى عنها وعليه مراجعة المستشفيات والمختصين الذين يقومون بتشخيص مرضه وصرف العلاج المناسب لحالته ولمرضه.
كما يجب أن يكون المواطن الكريم أشد وعياً حيال هذه الأدوية المشبوهة وأن يشعر المسؤولين عن مثل هذه الأدوية وأنصح مروجي تلك الأدوية بأن يتقوا الله فيما يقومون به من جمع مال سيكون له الأثر السلبي في الدنيا والآخرة وسوف ينعكس ذلك عليه وعلى أولاده بالمرض والدمار.
ونصيحة أخيرة :
لسلامة قلبك وكبدك ودمك وخصوبتك ابتعد عن الأدوية العشبية والمشتقات الحيوانية والمعدنية مجهولة الهوية والتي توجد على هيئة مخاليط ممزوجة مع عسل أو مربى أو ماء أو زيت أو مساحيق جافة أو مجروشه. واحذر أولئك الذين يقولون "هذا من سر المهنة".
عزيزي المستهلك نظرا لخطورة التعامل مع الأدوية العشبية غير المقننة فإني انصحك باتباع التالي:
ـ عدم شراء أي دواء عشبي لا يحمل مواصفات الدواء العشبي المقنن.
ـ عدم شراء أي دواء عشبي نتيجة لنصيحة من قريب أو صديق لأن ما يصلح لقريبك أو صديقك قد لا يصلح لك.
ـ عدم استعمال الخلطات العشبية بأي حال من الأحوال فقد تسبب لك السرطان وتلف الكبد والفشل الكلوي.
ـ إذا كنت من مرضى السكر فلا تستخدم أي دواء عشبي حتى ولو كان مقننا إلا بعد استشارة الطبيب.
ـ إذا كنت ممن يعانون من ارتفاع في ضغط الدم فلا تستعمل أي دواء عشبي إلا بعد استشارة الطبيب.
ـ عدم إعطاء الطفل الرضيع أي دواء عشبي بأي حال من الأحوال.
ـ عدم استعمال الأم الحامل لأي دواء عشبي إلا بعد استشارة الطبيب.
ـ الأشخاص الذين يستعملون الأسبرين يوميا أو دواء الورفارين عليهم عدم استعمال أي دواء عشبي إلا بعد استشارة الطبيب.
ـ عدم استعمال أي دواء عشبي مع دواء صيدلاني حيث قد يحدث تعارض دوائي ويشكل ذلك خطورة على المريض.
ـ عليك بإبلاغ الجهات المسؤولة إذا وجدت أشخاصا يروجون لأدوية عشبية فقد تكون هذه الأدوية تحتوي على مواد مخدرة أو قد تكون خطيرة على الجنس والإنجاب.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق